فصل: ابتداء دولة بني بوية.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.ابتداء دولة بني بوية.

كان أبوهم أبو شجاع بوية من رجالات الديلم وكان له أولاد: علي والحسن وأحمد فعلي أبو الحسن عماد الدولة والحسن أبو علي ركن الدولة وأحمد أبو الحسن معز الدولة ونسبهم ابن ماكولا في الساسانية إلى بهرام جور بن يزدجرد وابن مسكوية إلى يزدجرد بن شهريار وهو نسب مدخول لأن الرياسة على قوم لا تكون في غير أهل بلدهم كما ذكرنا في مقدمة الكتاب ولما أسلم الديلم على يد الأطروش وملك بهم طبرستان وجرجان وكان من قواده ماكان بن كالي وليلى بن النعمان وأسفار بن شيروية ومرداويج بن وزيار وكانوا ملوكا عظاما وازدحموا في طبرستان فساروا لملك الأرض عند اختلاط الدولة العباسية وضعفها وقصدوا الإستيلاء على الأعمال والأطراف وكان بنو بويه من جملة قواد ما كان بن كالي فلما وقع بينه وبين مرداويج من الفتنة والخلاف ما تقدم وغلبه مرداويج على طبرستان وجرجان عادوا إلى مرداويخ لتخف عنه مؤنتهم على أن يرجعوا إليه إذا صلح أمره فساروا إلى مرداويج فقبلهم وأكرمهم واستأمن إليه جماعة ومن قواد ما كان فقتلهم وأولادهم وولى علي بن بويه على الكرج وكان أكبر أخوته وسار جميعهم إلى الري وعليها وشمكير بن وزيار أخو مرداويج ومعه وزيره الحسين بن محمد الملقب بالعميد فاتصل به علي بن بويه وأهدى إليه بغلة كانت عنده ومتاعا ندم مرداويج على ولاية هؤلاء المستأمنة من قواد ما كان فكتب إلى أخيه وشمكير بالقبض على الباقين وأراد أن يبعث في أثر علي بن بويه فخشي الفتنة تركه ولما وصل علي بن بويه إلى الكرج استقام أمره وفتح قلاعا للخرمية ظفر منها بذخائر كثيرة واستمال الرجال وعظم أمره وأحبه الناس ومرداويج يومئذ بطبرستان ثم عاد إلى الري وأطلق مالا لجماعة من القواد على الكرج فوصلوا إلى علي ابن بوية فأحسن إليهم واستمالهم وبعث إليهم مرداويج فدافعه فندم على إطلاقهم وبعث فيهم مرداويج أمراء الكرج فاستأمن إليه شيرزاد من أعيان قواد الديلم فقويت نفسه وسار إلى أصبهان وبها المظفر بن ياقوت على الحرب في عشرة آلاف مقاتل وأبو علي بن رستم على الخوارج فأرسل علي بن بويه يستعطفهما في الإنحياز إلى طاعة الخليفة وخدمته والمسير إلى الحضرة فلم يجيباه وكان أبو علي أشد كراهة له فمات تلك الأيام وسار ابن ياقوت ثلاثة فراسخ عن أصبهان وكان في أصحابه حسل وديلم واستأمنوا إلى ابن بويه ثم اقتتلوا فانهزم ابن ياقوت واستولى علي بن بويه على أصبهان وهو عماد الدولة وكان عسكره نحوا من تسعمائة وعسكر ابن ياقوت نحوا من عشرة آلاف وبلغ ذلك القاهر فاستعظمه وبلغ مرداويج فأقلقه وخاف على ما بيده وبعث إلى عماد الدولة يخادعه يطلب الطاعة منه ليطمئن للرسالة ويخالفه أخوه وشمكير في العساكر وشعر ابن بويه بذلك فرحل عن أصبهان وقصد أرجان وبها أبو بكر بن ياقوت فانهزم أبو بكر من غير قتال ولحق رامهرمز واستولى ابن بويه على أرجان وخالفه وشمكير أخو مرداويخ إلى أصبهان فملكها وأرسل القاهر إلى مرداويخ بأن يسلم أصبهان لمحمد بن ياقوت ففعل وكتب أبو طالب يستدعيه ويهون عليه أمر ابن ياقوت ويغريه به فخشي ابن بويه من كثرة عساكر ياقوت وأمواله وأن يحصل بينه وبين ابنه تأهبات فتوقف فأعاد عليه أبو طالب وأراه أن مرداويج طلب الصلح من ابن ياقوت وخوفه اجتماعهما عليه فسار ابن بويه إلى أرجان في ربيع سنة إحدى وعشرين ولقيتهم هنالك مقدمة ابن ياقوت فانهزمت فزحف ابن ياقوت إليهم وبعث عماد الدولة أخاه ركن الدولة الحسن إلى كازرون وغيرها من أعمال فارس فجبى أموالها ولقي عسكر ابن ياقوت هنالك فهزمهم ورجع إلى أخيه وخشي عماد الدولة من اتفاق مرداويج مع ابن ياقوت فسار إلى أصطخر واتبعه ابن ياقوت وشيعه إلى قنطرة بطريق كرمان اضطروا إلى الحرب عليها فتزاحفوا هنالك واستأمن بعض قواده إلي ابن ياقوت فقتلهم فاستأمن أصحابه وانهزم ابن ياقوت واتبعه ابن بويه واستباح معسكره وذلك في جمادي سنة اثنتين وعشرين وأبلى أخوه معز الدولة أحمد في ذلك اليوم بلاء حسنا ولحق ابن ياقوت بواسط وسار عماد الدولة إلى شيراز فملكها وأمن الناس واستولى على بلاد فارس وطلب الجند أرزاقهم فعجز عنها وعثر على صناديق من مخلف ابن ياقوت وذخائر بني الصفار فيها خمسمائة ألف دينار فامتلأت خزائنه وثبت ملكه واستقر ابن ياقوت بواسط وكاتبه أبو عبد الله اليزيدي حتى قتل مرداويج عاد إلى الأهواز ووصل عسكر مكرم وكانت عساكر ابن بويه سبقته فالتقوا بنواحي أرجان وانهزم ابن ياقوت فأرسل أبو عبد الله اليزيدي في الصلح فأجابه ابن بويه واستقر ابن ياقوت بالأهواز ومعه ابن اليزيدي وابن بويه ببلاد فارس ثم زحف مرداويج إلى الأهواز وملكها من يد ابن ياقوت ورجع إلى واسط وكتب إلى الراضي وكان بعد القاهر كما نذكره وإلى وزيره أبي على بن مقلة بالطاعة والمقاطعة فيما بيده من البلاد بأعمال فارس على ألف ألف درهم فأجيب إلى ذلك وبعث إليه باللواء والخلع وعظم شأنه في فارس وبلغ مرداويج شأنه فخاف عائلته وكان أخوه وشمكير قد رجع إلى أصبهان بعد خلع القاهر وصرف محمد بن ياقوت عنها فسار إليها مرداويج للتدبير على عماد الدولة وبعث أخاه وشمكير على الري وأعمالها.